الجمعة، 21 أكتوبر 2016

☆شماغ وتنورة☆ : كنت أنوي أن يكون لي مكتبة...أمنية طالما حلمت بها

 
 
 
 
 

 

 

عندما كبرت طلبت من أمي أن تعطيني مبلغا من المال لأشتري مكتبة...

أضع فيها الكتب التي سوف أشتريها...

إبتسمت طويلا وكان لا بد أن تستشير زوجها الذي هو أبي...

هذه ناحية والناحية الأهم أن راتب أبي كان ضعيفا ولم يكن فقيرا...

وكان السؤال لماذا لم أطلب من أبي المبلغ...

في الحقيقة كان أبي في عمله بعيدا عنا ولا يأتي البيت إلا في الأسبوع مرة...

مرة واحدة يأتي لنراه ويرانا... ولم أكن أحب أن أزعجه بأي طلب لأني كنت أراه يجالس أمي

وهما يشربان القهوة بهدوء...وهي لحظة ...وفي هذه اللحظة كنت في غاية السعادة وأنا أشاهدهما...

أبي رحمه الله كان دائما هادئا...هذا الأب بهدوئه يرشف القهوة ولا يمكن

أن تسمع صوتا لهذه الحركة...كنت أحبه كثيرا وتمنيت أن أقول له إني أحبك يا أبي...

كنت أراه رائعا بثيابه العسكرية وأزرارها التي تلمع...

كان يزين هذه البدلة بثلاثة نياشين...حقيقة لم أسأله عن قصة هذه النياشين...

أنه رائع بها وهي رائعة به...

كنت أنوي أن يكون لي مكتبة...أمنية طالما حلمت بها...

أرتب هذه الكتب التي إشتريتها والتي سوف أشتريها...

وكانت المدرسة أيضا تعطينا جوائز...كتب باللغة الفرنسية...لأنها كانت مدرسة فرنسية...

وكانت أمي تسهر مع الوالد حتى الفجر...وفجرا يغادرنا برعاية الله الى عمله...

وعندما إستيقظنا ضمتني الى قلبها أمي رحمها الله وهمست في كياني...لقد وافق...

وافق والدي على بناء المكتبة...لا على شراء المكتبة...وجارنا كان نجارا وحسب قول أبي إنه ماهرا...

وقام والدي برسم المكتبة له...في الحقيقة أعجبني التصميم...كان رائعا للغاية...

ولم أكن أتصور بأن هذا الجندي الذي هو أبي بهذه الروعة أيضا...

وكنت أمر يوميا على النجار وأشاهد المكتبة تكبر وتكبر بهدوء...

وكنت سعيدا حتى أصحابي قرؤوا في عيوني وعلى وجهي حقيقة هذه السعادة...

وجاء أبي في الأسبوع التالي وتم نقل المكتبة الى البيت...هذه كانت عالمي الجديد...

وكنت أشاهد هذه المكتبة وهي تمتليء...شيئا فشيئا...

بالدين...بالحب... وبالكبرياء... والثورة... والأدب... والأخلاق...

كانت هذه يا صاحبي والكتب التي كانت تنام في مكتبتي الجديد...

طلبت من الأستاذ الذي يعلمنا اللغة العربية وكان من المدينة أن يحصل لي على أجمل قرآن...

إبتسم وهو يقول لي حاضر...وبالفعل كان القرآن الكريم وكان رائعا أول من أخذ مكانا في هذه المكتبة...

وكانت أمي سعيدة بهذه الحركة مني...وأبي كان أيضا سعيدا أكثر مني...

كانت تمتليء بهدوء وبطء للغاية ولكن بتنسيق وفي غاية الحنان والأدب والذوق...

كانت تكبر معي فأبتسم..وآخر مرة جاء أبي نظر الى المكتبة ونظر إلي وإبتسم...

أحب المكتبة ولكن ليس أكثر مني أنا...

ضممت أبي ولأول مرة أقول له: أحبك يا أبي بحق وحقيقة...

وبهذا تصبح علاقتي بالحياة جزء من علاقتي بهذه المكتبة...

اللهم أرحم والدي كما ربياني صغيرا وأسكنهما فسيح جناتك يارب...

وصلى الله على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه

الأخيار وسلم تسليما كثيرا...

تحياتي

صن لايت

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق