القهوة دائما لها ذكرى طيبة في قلبي وعروقي...
لم أكن أحبها بتاتا...ولم أكن أرشفها ولا بصورة من الصور...
وفجأة هناك من ثبت هذه الفكرة في رأسي...فأحببت هذه القهوة...
عندما كبرت أحببتها لأني أمي رحمها الله كانت تشربها كل صباح ومساء...
وبعد أن توفت رحمها الله توقفت عن شرب القهوة وفي الحقيقة لا أعرف لماذا...
ثم عدت اليها كما سوف أرويها لكم...
كنت أجلس فى إحدى مقاهي مدينتي أشرب الشاي الأخضر...
جلس الى جواري إنسان لا أعرفه...ولم يسبق لنا أن إلتقينا...
أخرج من جيب قميصه ورقة وأخذ يقرأ فيها بصوت يصلني أنا دون أن يتجاوزني...مخافة إزعاج الباقين حولنا...
حتى الآن لم أسأله ماذا يريد هذا الشخص...
وفجأة إنفجر باكيا...في بداية الأمر ظننته يمثل...أو معاق...
لم يغيظني في الحقيقي لأنه لم يزعج وحدتي...
والشاي الذي أمامي ما زال حارا...تأثرت بعض الشيء...
كان يعكس لي شيئا غامضا في قصة من نوع آخر...
كان يعمل وكان عادلا في وظيفته...جوهره نقي للغاية...
بعيدا عن إيمان الآخرين له وجهة نظر شخصية...
خارج من نفسه لا يرى إلا الحقيقة...
تفكيره بهذه الصورة إستوقفي...
إستوى على درجات سلالم الحياة ليصل الى طاولتي حيث أجلس...
إبتسمت له ألف مرة حتى ينطق بكلمة...غير التي يقرأ منها الورقة...
وأخيرا فرحت لأنه نطق...أنت أول شخص أجلس إليه بعد وصولي...
سأعلمك بسر من أسرار الحياة...إيجابيتي غريبة...مررت بأكثر من إنسان...
ولكن عيني إختارتك أنت ولا أعرف لماذا...
جئت من بلدي وأحمل هدية الى إنسان لا أعرفه...
وقررت أن أفعل ما فعلت معك إذ جلست إليك...
وبقي قلبي أنا يقترب من كلامه ويستحسن حروفه...
في يده حقيبة...فتحها...وأخذ من محتواها قبضة مما فيها...
ضحكت...وضحكت...ثم ضحكت...
مسكون بالهدوء قال لي وما يضحكك يا صاحبي...
هذا اليوم لأول مرة أسمع هذه الكلمة التي أحبها...
كانت قبضته مليئة بحب القهوة...قلت له أنا توقفت عن شرب القهوة...
وكأني به يدخر أوجاع كل العالم...ولم يبقى أمانه إلا هذا النهار...
ولكن قلبي يدثني أنك ستعود الى شرب هذه القهوة...همس بهدوء
وحاول...وأصر...حتى قبلت بالحقيبة هدية...
وتواعدنا أن نلتقي هنا متى يحن الواحد منا الى الآخر...بدون موعد...
والحقيقة أني عدت الى شرب القهوة...وبالفعل كانت لذيذة...
ومن الغرف المظلمة خرجت الأوجاع...ومات الألم...وتبخر البغض...
ومن جديد عادت الأحلام...وعادت الصداقة...وتسلل الإحترام...
وإنبثقت الثقة...وهبط الحب من السماء...وخرج الفرح من بين أصابع الحياة...
وجاءت سيدتي تحمل لنا الإيمان...وطارق جدران القلب كان الأمل....
والأرواح ما فقدت السبيل الى الحق...وأخذنا نلتقت قيمة الأشياء...
وفي النهاية خرجنا من الكهف الى بساتين القلب...ومن ياسمين العصافير...
ومن ذاكرة الحدائق...
وشعرنا بالسعادة بالرغم من كل ما حولنا من المآسي...والآلام...
تحية أولا الى صديقتنا الثائرة...
تحياتي
سن لايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق