بيان الأحكام المتعلقة بقضاء الصوم
الحمد لله رب العالمين شرع فيسر {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج 78] والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين،
أما بعد:
فاعلموا أنه يجب عليكم معرفة أحكام القضاء في حق من أفطر في نهار رمضان لعذر من الأعذار الشرعية،
قال الله تعالى: {ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة} [البقرة 185].
ففي آخر هذه الآية الكريمة رخص الله بالإفطار في رمضان للمريض والمسافر، وأوجب عليهما القضاء إذا أخذا بالرخصة فأفطرا بأن يصوما عدد الأيام التي أفطراها من شهر آخر، وإن صاما رمضان ولم يأخذا بالرخصة فصومهما صحيح ومجزي عند جمهور أهل العلم وهو الحق، وبين سبحانه الحكمة في هذه الرخصة، وهي أنه أراد التيسير على عباده ولم يرد لهم العسر والمشقة بتكليفهم بالصوم في حالة السفر والمرض، وأن الحكمة في إيجاب القضاء هي إكمال عدد الأيام التي أوجب الله صومها، ففي هذه الرخصة جمع بين التيسير واستكمال العدد المطلوب صومه، وهناك صنف ثالث ممن يرخص لهم بالإفطار، وهم الكبير الهرم والمريض المزمن، إذا لم يطيقا الصيام، قال تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة 184]، ومعنى يطيقونه: يكلفونه ويشق عليهم، فعليهم بدل الصيام إطعام مسكين عن كل يوم، وهذا على ما ذهب إليه طائفة من العلماء في تفسير الآية وأنها لم تنسخ، وألحق بهؤلاء الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو على ولديهما من الصيام، كما روى عن ابن عباس أنه قال لأم ولد له حامل أو مرضعة: أنت بمنزلة الذين لا يطيقون الصيام، وعن ابن عمر أن إحدى بناته أرسلت تسأله عن صوم رمضان وهي حامل، قال: تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا، هؤلاء جميعا يباح لهم الإفطار في نهار رمضان نظرا لأعذارهم الشرعية ثم هم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
1ـ قسم يجب عليهم القضاء فقط ولا فدية عليهم، وهم المريض والمسافر والحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما.
2 ـ وقسم يجب عليهم الفدية فقط ولا قضاء عليهم وهم العاجزون لهرم أو مرض لا يرجى برؤه.
3 ـ قسم يجب عليه القضاء والفدية وهم الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما فقط، والفدية هنا: إطعام مسكين نصف صاع من طعام البلد عن كل يوم.
وهكذا ديننا يسر وسماحة يتمشى مع ظروف الإنسان ولا يكلفه ما لا يطيقه أو يشق عليه مشقة شديدة غير محتملة، يشرع للحضر أحكاما مناسبة وللسفر أحكاما مناسبة، ويشرع للصحيح ما يناسبه وللمريض ما يناسبه.
ومعنى هذا أن المسلم لا ينفك عن عبادة الله في جميع أحواله وأن الواجبات لا تسقط عنه سقوطا نهائيا، ولكنها تتكيف مع ظروفه.
قال الله تعالى: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} [الحجر 99] وقال عيسى عليه السلام فيما ذكره الله عنه: {وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا} [مريم 31].
ومن الناس من يريد أن يستغل سماحة الإسلام استغلالا سيئا فيبيح لنفسه فعل المحرمات وترك الواجبات، ويقول الدين يسر، نعم إن الدين يسر ولكن ليس معنى ذلك أن ينفلت الإنسان من أحكامه ويتبع هوى نفسه، وإنما معنى سماحة الإسلام أنه ينتقل بالعبد من العبادة الشاقة إلى العبادة السهلة التي يستطيع أداءها في حالة العذر، ومن ذلك الانتقال بأصحاب الأعذار الشرعية من الصيام أداء في رمضان إلى الصيام قضاء في شهر آخر عندما تزول أعذارهم أو الانتقال بهم من الصيام إلى الإطعام إذا كانوا لا يقدرون على القضاء، فجمع لهم بين أداء الواجب وانتفاء المشقة والحرج، فلله الحمد والمنة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
حديث اليوم
عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من الصلاة أحسن عبادة ربه وأطاعه في السر وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع وكان رزقه كفافا فصبر على ذلك ثم نقر بيده فقال عجلت منيته قلت بواكيه قل تراثه ) رواه الترمذي
قطوف
قال ابن القيم :(( فى القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشه لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفه الله ، وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجماع عليه والعزاء إليه ))
ذكرى
حاصر مسلمة بن بن عبد الملك حصنا فندب الناس إلى نقب منه فما دخله أحد حتى جاء رجل من عرض الجيش فدخله وعالج الباب فكسره ففتحه الله عليهم فنادى مسلمة على صاحب النقب فما جاء أحد ! فنادى إني قد أمرت الإذن بإ دخاله ساعة يأتي فعزمت عليه إلا جاء .... فجاء رجل فقال : استأذن لي على الأمير فقال له :
أنت صاحب النقب ؟ قال : أنا أخبركم عنه فأتى مسلمة فأخبره عنه فأذن له
فقال : إنَّ صاحب النقب يأخذ عليكم ثلاثا :
ألّا تسودوااسمه في صحيفة الخليفة ولا تأمروا له بشيء ولا تسألوه من هو ؟
قال: فذلك له قال: أنا هو !!
فكان مسلمة لا يُصلي بعدها صلاة إلا قال: اللهم اجعلني مع صاحب النقب
إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصاً .. فكلُّ بناءٍ قد بنيْتَ خرابُ
اجعلوا بينكم وبين الله سرائر تنفعكم يوم تبلى السرائر
خاطرة
فاغتنم أوقاتك
الوقت عزيز ، وهو في رمضان أكثر عزة.
والبيت المسلم، يغتنم أيام وليالي شهره؛ فلا تمض ساعة بلا فائدة، ولا تذهب لحظة من غير ذكر، أو تسبيح، أو قراءة للقرآن.
( فيا من ضيع عمره في غير طاعة، يا من فرط في شهره، بل في دهره وأضاعه، يامن بضاعته التسويف والتفريط، وبئس البضاعة، يا من جعل خصمه القرآن، وشهر رمضان، كيف ترجو من جعلته خصمك يوم الشفاعة ؟ )
يجدر بمن عنده مسكة عقل؛ أن يحسن اقتناص الفرص؛ فمواسم الخيرات، مراتعٌ للحسنات؛ فإذا هبت رياح الطاعة؛ فاغتنم الخير في كل ساعة؛ فأوقات رمضان سعادة، وطوبى لمن أحسن الاستفادة؛ فاقطع نهارك بالقرآن، وليلك بالقيام، وروح النفس بينهما بأطيب الكلام.
وحرى بالبيت المسلم؛ أن ينتهز مواسم الطاعات؛ فعسى أن تصيبه نفخة من النفخات، فيسعد بها سعادةً، يأمن بها من النار وما فيها من اللفحات.
فَيَوْمُكَ إِنْ أَغْنَيْتَهُ عَادَ نَفْعُهُ عَلَيْكَ وَمَاضِي الأَمْسِ لَيْسَ يَعُودُوَلا تُرْجِ فِعْلَ الْخَيْرِ يَوْمًا إِلَى غَدٍ لَعَلَّ غَدًا يَأْتِي وَأَنْتَ فَقِيدُ
فاللَّهم يافاطر السَّماوات ، وكاشف
الظُّلمات ، ارزقنا نطقها عند الحاجات
ونجنا بها بعد الممات ،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق