«أسد عليّ وفي البيت نعامة»..
كيف تُروِّضينْ زوجك؟
"كيف تروضين زوجك؟".. سؤال قد يطرح أيضاً بلغة أخرى "هل روضتِ زوجك؟".. وما هي الوسائل المشروعة وربما غير المشروعة في تحقيق ذلك؟.. الإجابة في كل الأحوال "أن الرجّال رايح فيها"، ومستسلم تماماً حتى وإن كان "أسد عليّ وفي البيت نعامة!"
المرأة في هذا العصر غالباً ليست كسابقتها في عقود مضت.. تضع الزوج في مكان مقدس وله السمع والطاعة المطلقة، وإنما هي جنس آخر.. تعلّمت، وتوظّفت، ولحقت بماديات الحضارة فكراً وممارسة، وتكونت لديها حصون من الوعي، وأصبحت قادرة على التعبير عن رأيها، والاستقلال بفكرها، وحضورها، بل وصل الأمر بها أن روّضت زوجها.. وهذا الترويض ليس سلباً دائماً، بل ربما كان الترويض للأفضل في حياته، ومعاملاته، وذوقه، وأخلاقه، وبالتالي لا يعني أن نفسّر الترويض سلباً وإن كان ذلك أحياناً.. ولكن المهم أن لا نخرج من فكرة سيطرة الرجل على المرأة وندخل في سيطرة المرأة على الرجل.. فالمعادلة يجب أن تكون متوازنة بينهما.. والحفاظ على كيان الأسرة.. مودة وسكينة ورحمة هو الأهم من كل ذلك.
الأحلام الوردية
تتزوج الفتاة وفي رأسها أنها تعيش الحياة الجميلة التي تتشارك فيها مع فارس أحلامها الذي يكون قد جاء أحياناً ليبدد كل الأحلام الوردية، ويحيلها إلى كوابيس تنقلها من واجهة مساحات الغرف الواسعة، لتعيش بمشاعرها المحطمة إلى المساحات الضيقة ل "بدروم" البيت المظلم، ووراء كواليسه البعيدة عن "فلاشات" الكاميرات، والتي لا تستطيع ذاكرتها تخزين الصور المتألمة لامرأة تعيش كل الأدوار إلاّ الدورالذي تحن إليه بجوار زوج غير مبالٍ بوجودها، فتحاول أن تروض عقله البعيد بتفكيره ومشاعره الغائبة عنها واهتمامه بكل تفاصيلها على أمل أن تنجح في تحقيق المعادلة الصعبة لترويضه بذكائها، من خلال عدة طرق سحرية تستخدم فيها ذكاء الأنثى، والتي لا تيأس حتى تبدأ من جديد لمحاولة تعلم فنون إحداث الجاذبية الزوجية لجذبه إليها بعد أن عجزت كل المحاولات المباشرة.
محاولة التفكير
إنّ محاولة التفكير في ترويض الرجل تعيدنا قليلاً إلى الأساطيرالبعيدة عندما جاءت امرأة لأحد الأشخاص لتطلب منه أن يعمل لها طريقة بحيث يحبها زوجها حباً شديداً، وتمتلكه ويمكنها من خلالها ترويضه، ولأنه عالم حكيم قال لها: إنّك تطلبين شيئا ليس بسهل لقد طلبت شيئاً عظيماً فهل أنت مستعدة لتحمل التكاليف؟، قالت: نعم، فقال لها: الأمر لا يتم إلاّ إذا أحضرت شعرة من رقبة الأسد، فقالت: كيف أستطيع ذلك والأسد حيوان مفترس ولا أستبعد أن يقتلني أليس هناك طريقة أسهل وأكثر أمناً، فقال لها: لا يمكن أن يتم لك ما تريدين من محبة الزوج إلاّ بهذه الطريقة، وإذا فكرت ستجدين الوسيلة المناسبة لذلك، وبالفعل ذهبت المرأة وهي تفكر في كيفية الحصول على الشعرة المطلوبة، واستشارت من تثق في حكمته فقيل لها أنّ الأسد لا يفترس إلاّ إذا جاع وعليك أن تشبعيه وتحسني التعامل معه حتى تسلمي من شره، وذهبت في اليوم التالي للغابة وبدأت ترمي للأسد قطع اللحم وتبتعد واستمرت في ذلك إلى أن الفت الأسد وألفها مع الوقت، وجاءت اللحظة التي تمدد بجانبها الأسد وهو لا يشك لحظة في محبتها له، ووضعت يدها على رأسه، وأخذت تمسح على شعره ورقبته بحنان وأخذت الشعرة بهدوء وأسرعت إلى العالم والفرحة تملا نفسها بأنها ستتربع على عرش زوجها للأبد، وعندما شرحت للعالم خطتها لترويض الأسد قال لها: "إنّ زوجك ليس أكثر شراسة من الأسد فافعلي معه ما فعلت مع الأسد لتملكيه".
شواطىء الانتباه
وهناك أسباب كثيرة تدفع النساء إلى تمضية وقت طويل من عمرهم في البحث عن الوسائل التي تجعل الزوج مثل "خاتم سليمان" -إن جاز وصف ذلك-؛ مستعينين بنصيحة الصديقات، وخبرة الجدات، واستشارة المختصين عبر البرامج المتلفزة التي لا يغيب عنها صوت المرأة الذي يأتي في أحيان كثيرة مخنوقاً من الألم، فتحاول البحث عن إجابات تخرجها من مأزق عنجهية الزوج وغطرسته ورغبتها الصادقة في إحياء شرايين إحساسه الجافة ولامبالاته وتجاهله لكل حركة أو تصرف يصدر من زوجته من أجل تحريك شواطئ انتباه ولو بقشة مهملة كفيلة بأن تقصم ظهر البعير.
موقف متأزم
تقضي السيدة "هدى" وقتاً طويلاً أمام شاشة الكمبيوتر متنقلة بين المواقع التي تهتم بشجون وهموم الأسرة؛ للبحث عن تجارب سحرية معجونة بتعب سنوات الخبرة الطويلة والنصائح المختصرة بمقادير متوازنة لعلها تشبع فضول تلك التساؤلات الجائعة؛ التي تكبرفي داخلها مع الأيام ومع كل موقف متأزم من نساء قريبات لها بصلة القرابة أو محيطات بها في مجتمعها الناعم؛ قهرهن رجل وتجاهلهن رجل وتفنن في تعذيبهن رجل أدار ظهره لكل نظرة أنثوية كانت ترسل عتاباً فضحته دمعة ساخنة تحمل معاني كبيرة؛ فتحاول النجاة بنفسها عبر نصائح سريعة وبمقادير متوازنة تطهى فوق نار المعاناة لعلها تشبع فضول تلك التساؤلات الجائعة؛ لتساعدها في ترويض زوجها الذي عاشت معه أكثر من ثمان سنوات في عراك لم ينته حتى كتابة هذه السطور.
رسوخ الذاكرة
وأشارت إلى أنها كانت تعتقد بأنّ النقاش مع زوجها بصوت عال يصل أحياناً إلى حدود البيوت المجاورة لبيتهم أفضل وسيلة محرجة له قد تجعله يرضخ لطلباتها، والتي تصفها "هدى" بالطلبات العادية جداً مقارنة بطلبات قريباتها وصديقاتها المتنوعة ما بين شراء شنط الماركات، وإقامة الحفلات الباهظة ابتهاجاً بقدوم مولود جديد، أو بمناسبة تجديد الأثاث والسفر إلى الخارج، بالإضافة لذلك فبعضهنّ على علم بأرقام بطاقات الصراف الآلي والذي تفضل إحداهن أن يحمل آخر أربعة أرقام من هاتفها المحمول، أو تاريخ سنتها الميلادية؛ ليظل راسخاً في ذاكرته وحتى لا يتعذر بنسيان شراء هدية ميلادها، ومن جانب آخر يتفاخرن بوصف أزواجهن ب "الخاتم" الذي يحركنه من أصبع إلى الآخر متى ما شئن وذلك بفضل بعض النصائح التي نفذناها ببراعة شديدة ومن الليلة الأولى للزواج.
فرض الرأي
وتتلخص تلك النصائح الزوجية -على حد قولها- في محاولة فرض الرأي بهدوء مع التلويح إلى العقوبات المحلية؛ التي يمكن أن تصدر بحقه في حال حاول التمرد على أي مبادرة لفرض الرأي والتي تندرج تحتها عقوبات نفسية مثل إهمال شؤون البيت أوتركه للذهاب إلى بيت أهلها؛ لتعود إليه محملة بالهدايا الثمينة وحرمانه من متابعة برامجه التلفزيونية المفضلة، وقد تصل أحياناً لتشجيع الفريق المنافس لفريقه الرياضي "بس عشان أقهره"!.
تقديم النصيحة
صورة أخرى لسيدة معروفة بين جارتها في الحي ب"الخبيرة" أشارت خلال حديثها إلى أنها تحرص على تقديم النصيحة لكل سيدة تطلبها أو سيدة أخرى تشعر أنها بحاجة إليها، وذلك خلال لقائها بإحداهن في الأماكن العامة كصالونات التجميل أو بغرف الانتظار بالعيادات الطبية.
وأكدت "أم محمد" على أنّها تستطيع اكتشاف الزوجة السعيدة من البائسة من خلال هندامها العام والذي عادة ما تهمله السيدات عندما يشعرن بإهمال الزوج، ونظراً لظروفها التي تنعكس على حياتها، مشيرة إلى أن حديث الزوجة التعيسة في حياتها لا يخلو كلامها في الغالب من نصائح تجاه الرجال، وعادة ما تشمل الحذر من الرجل والاستعداد دائما لمفاجأته من العيار الثقيل. مضيفة: إنّ نصائحي تشتمل على محاولة معرفة نقاط ضعف الزوج واستغلالها بشكل يحقق لها متطلباتها والتي في العادة لا تجد أي ترحيب من بعض الرجال فهو دائماً معتذراً بعدم قدرته المالية، وأحياناً قد يكون الطلب الذي تطلبه الزوجة اشتياقها لبشاشة وجه زوجها والذي يغادر المنزل بمجرد دخول الزوج إلى البيت والتفرغ لها لبعض الوقت لمشاركتها اهتماماتها ولإسماعها بعض الكلمات الرومانسية، مشيرة إلى أن نصائحها للسيدات يكون بتحقيق ما يشعر الزوج بالسعادة، ولكن بمقدار بسيط وحرمانه منه في الوقت المناسب وبطريقة دبلوماسية.
انتهت مقولة المعدة أقرب الطرق إلى قلب وعقل الرجل أو «كلبشته» بالأولاد.. «الحب الذكي» هو من يصنع الفارق
الاستشارة والنصح
أما السيدة "عبلة" وإلى عهد قريب كانت تعتقد أنّ المعدة أقرب الطرق إلى قلب وعقل وشخصية الرجل مضافاً لها إنجاب عدد من العيال حتى تستطيع أن "تكلبشه" بالمسؤوليات فيقترب أكثر من عالمها وتروضه فلا يكون لديه مجال لزوغان العين، ولكنها اكتشفت مؤخراً أنّ زوجها تزوغ وتلف عيناه حول الكرة الأرضية دورة كاملة كل يوم، وذلك من حجم رصيد الإيميلات التي يختزنها بريده الإليكتروني، مشيرةً إلى أنّها لجأت إلى استشارة صديقة ونصحتني بإحداث تغييرات في شكلي ومن أهمها إنقاص وزني الذي زاد بعد ولادة سبعة أطفال وتخصيص وقت أكثر للجلوس معه والاحتفاء بالمناسبات السعيدة والتي غابت عن حياتنا مع تزايد مسؤوليات الأبناء والتي تكبر مع أعمارهم يوما بعد يوم، مضيفة أنه وبرغم محاولتها الهادئة في ترويض زوجها بأساليب رومانسية إلاّ أنّ ذلك استغرق جهداً منها واجهه تجاهل من جانبه؛ لتلجأ إلى حيلة ترك الأبناء السبعة وقت اختباراته النهائية بالجامعة والذهاب إلى بيت أهلها؛ ليأتي لها في اليوم التالي، مبدياً اعتذاره لها وندمه على ما بدر منه وممتناً لكل المحاولات التي قامت بها من أجل عودة الدفء إلى حياتهم.
وفي كل الأحوال فإن ترويض الرجل يبقى مسألة نسبية، وهو أقرب إلى الوهم إذا آمنا بأن الزواج قضية تكاملية وشراكة بين اثنين يرغبان في تأسيس أسرة جيدة، وفضاء عائلي دافىء، ومسؤولية اجتماعية كبيرة في تنشئة وتقديم أفراد جيدين للمجتمع، واتفقا على تقاسم المسؤوليات والأدوار بينهما من إدارة البيت والتخطيط للمستقبل ومعالجة المشكلات بهدوء وعقل، وبالتالي -وهذا مهم- حصل الحب والتآلف والاهتمام بين الاثنين، وأشبع كل واحد عواطف الآخر بالرومانسية وتجديد الحياة.
الذكاء أقوى سلاح..
تقول كتب التراث والتاريخ: إن أحد القادة حاصر إحدى مدن الشام الكبيرة، ومنع عن أهلها الطعام والشراب وكل المستلزمات الحياتية، حتى بدأ الناس يتساقطون بفعل الجوع والبؤس، وفشلوا في التوصل إلى حل مع القائد وجيشه، وكان شاعراً مشهوراً، وعاشقاً للجمال والرقة، أسيراً للحسن والدلال، متيماً بالمرأة كإنسان وفكر وعقل وجمال، وكان في المدينة شابة مشهورة بجمالها الفاتن الباذخ في تفاصيله، تمتلك تكويناً جسدياً يصرخ بالأنوثة الطاغية، وذكاء حاداً تتجلى فيه القيمة الحقيقية لكل هذا البذخ والترف من الجمال، فخرجت هذه الحسناء من أسوار المدينة خارقة الحصار الحياتي والنفسي، ولما وصلت إلى مكان تمركز القائد وإقامته طلبت من حراسه مقابلته فأذن لها، ولما صارت أمامه تكلمت قائلة: ألست القائل:
نحن قوم تذيبنا الأعين النجل
على أننا نذيب الحديدا
طوع أمر الحسان تقتادنا الغي
د ونقتاد في الطعان الأسودا
فترانا يوم الكريهة أحراراً
وفي السلم للحسان عبيدا
فرد عليها القائد .. نعم والله.
فرفعت الشابة الحسناء غطاء وجهها، وقالت:
- مارأيك بهذا الوجه..؟
سكنته الدهشة، وخفق قلبه، وأجاب.
- وجه كريم لشابة جميلة ذكية.
فقالت: إن كنت عبداً للحسان، تقتادك الغيد فاسمع وأطع وارحل وخل سبيل هذه المدينة لأهلها.
أمر القائد جنوده بفك الحصار، والرحيل. وبعد فترة أرسل لها يخطبها، فاشترطت عليه أن يطعم أهل المدينة كلهم في ليلة زواجها، وأن لا يحكمها غير رجل من مواطنيها، فاستجاب لشروطها.
الحكاية التراثية هذه، وعشرات غيرها تؤكد بأن العقل والذكاء وتوظيفهما في شؤون الحياة، سلاح المرأة في إخضاع الرجل لإرادتها، فليس بالجمال وحده تمتلك المرأة قلب الرجل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق