درس اليوم
ذكرياتنا في رمضان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد ..
فأجمل ذكرياتنا نحن المسلمين في شهر رمضان ، أنزل كتابنا العظيم أو الذكر الحكيم في شهر رمضان,
قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ البقرة: من الآية185.
نزل كتابنا في رمضان ، فكانت ذكراه أحلى الذكريات ، وأيامه في الدهر خالدات.
نزل القران الكريم على أمة أمية ، ليخرجها من الظلمات إلى النور.
كلما جاء ذكر رمضان تذكرنا المنة العظيمة بإنزال هذا الكتاب الحكيم على الرسول الكريم:
﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ فصلت:42.
وفي رمضان انتصرنا وغلبنا ـ بإذن الله ـ الباطل ودحرنا الكفر في بدر الكبرى.
وفي رمضان انتصر رسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار.
قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ آل عمران:123.
انتصر الإسلام على الكفر في رمضان ، وارتفعت لا إله إلا الله محمد رسول الله في رمضان واندحر الإلحاد في رمضان: ﴿ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ آل عمران: من الآية166.
بدر الكبرى كانت في السابع عشر من هذا الشهر ، فكلما مر بنا هذا اليوم ذكرنا بتلك الغزوة المباركة.
في رمضان كانت غزوة الفتح ، فتح مكة ، قال تعالى: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ﴾ الفتح:1.
فتح رسولنا صلى الله عليه وسلم القلوب بالقران الكريم في رمضان ، وفتح مكة بالتوحيد في رمضان ، فاجتمع الفتحان ، وانتصر الإيمان ، وعلا القرآن ، وفاز حزب الرحمن ، معارك المسلمين الكبرى تقع في رمضان، وانتصارات المسلمين الخالدة كانت في رمضان.
ومن ذكرياتنا في رمضان أن أمين الوحي جبريل عليه السلام كان ينزل على رسولنا صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر كثيرا فيدارسه القرآن الكريم ويراجع معه آيات الله البينات ، ويثبت حفظه ويتدبر معه تلك الحكم العظيمة والآيات الكريمة، ويعيد عرض هذا الكتاب عليه ، ويتأنق معه في التلاوة ، ويجود معه الوحي، فكانا في أعظم عبادة واجل قربة وأحسن مجلس.
ومن ذكرياتنا في رمضان اجتماع الصدر الأول من الصحابة في صلاة التراويح فكانوا يسمعون لإمام واحد وهو يتلو عليهم كتاب ربهم فيخشعون ويبكون ويتدبرون.
يطول بهم الليل فيقصرونه بالقيام ، فلو رأيتهم وقد سالت منهم الدموع وثبت في قلوبهم الخشوع ، فهم في قيام وسجود وركوع.
ولو رأيتهم وقد هلت منهم العبرات وارتفعت منهم الزفرات وضجوا على رب السموات والأرض.
ولو رأيتهم وقد وجلت منهم القلوب واقشعرت منهم الجلود وجادت بدمعها العيون.
ومن ذكرياتنا في رمضان أنه الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران، وتقيد فيه الشياطين، وهذه من أحلى الذكريات يوم يشعر المؤمن انه مرحوم في هذا الشهر الكريم،وأن إغواء الشياطين مصروف عنه في هذه الأيام المباركة.
ثم إن لكل صائم في هذا الشهر فرحتين يفرح بفطره ويفرح بلقاء ربه تبارك وتعالى.
فكلما تجدد هذا الشهر تجدد معه الفرح وزاد الأنس والسرور.
وهذا الشهر كفارة لما بينه وبين رمضان الماضي كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام في الصحيح،فهو شهر يحمل ذاكرة مجيدة لكل مسلم يوم يعلم انه مطهر له من السيئات والخطايا.
رمضان شهر الفقراء والمساكين فهم يجدون فيه السخاء والعطاء من الأغنياء ، ويجدون العون والمدد من الأثرياء ، فكثير منهم يسعد في هذا الشهر بما يجود الله به على أيدي الباذلين.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( إن في الجنة بابا يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون ، فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه غيرهم )
رواه البخاري ومسلم.
فباب الريان له مكانة عظيمة في رمضان عند عباد الرحمن.
أتـاك شهر السعد والمكرمات فـحـيه فــي أجـمـل الـذكريات
يــا مـوسـم الـغـفران أتـحـفتنا أنت المنى يا زمن الصالحات
اللهم أعد علينا رمضان أياما عديدة، وأعواما مديدة، في ثياب من البر والتوبة جديدة.
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
حديث اليوم
عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاثَةٌ : ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ بِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ ، وَفَقِيرٌ عَفِيفٌ مُتَصَدِّقٌ ". رواه مسلم
قطوف
قال طاووس يوصى ابنه:
يا بُني صاحب العقلاءَ تُنسَب إليهم وإن لم تكن منهم ولا تصاحب الجهّالَ فتنسَبَ إليهم
وإن لم تكن منهم واعلم أنّ لكلِّ شيءٍ غاية وغاية المرءِ حسن خلقه.
ذكرى
حَجَّ سُليمان بن عبدالملك فخرَجَ حاجبُه ذاتَ يومٍ فقال: إنَّ أميرَ المؤمنين قال: ابعثوا إلى فقيهًا أسألُه عن بعض المناسك. فمر طاووس،
فقالوا: هذا طاووس اليماني.
فأخذه الحاجب فقال أجب أمير المؤمنين.
فقال: اعفني، فابى فأدخله عليه.
فقال طاووس فلما وقفت بين يديه قلت: إن هذا المجلس يسألني الله عنه.
فقلت: ياأمير المومنين، إن صخرة كانت على شفير جب في جهنم، هوت بها سبعين خريفا حتى استقرت قرارها، أتدري لمن أعدها الله؟
قال :لا!
فسكت طاووس.
فقال سليمان: ويلك لمن أعدها الله؟
قال : لمن أشركه الله في حكمه فجار.
فبكى سليمان.
خاطرة
حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ
(من فطّر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً). صحيح
كان الحسن يُطعم إخوانه وهو صائم تطوعاً ويجلس يروّحهم وهم يأكلون.
كان ابن عمر رضي الله عنهما يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه للسائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً، وكان يتصدق بالسكر ويقول: سمعت الله يقول: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) والله يعلم أني أحب السكر.
قال الشافعي رضي الله عنه: أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم.
اشتهى بعض الصالحين من السلف طعاماً وكان صائماً فوضع بين يديه عند فطوره فسمع سائلاً يقول: من يقرض الملي الوفي الغني؟ فقال: عبد معدم من الحسنات. فقام وأخذ الصحفة فخرج بها إليه وبات طاوياً.
فاللَّهم يافاطر السَّماوات ، وكاشف
الظُّلمات ، ارزقنا نطقها عند الحاجات
ونجنا بها بعد الممات ،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق