نتكلم هنا عن الظل في الآخرة وتنويعاته كذلك؛ في الجنة والنار، والفروق بين هذه الظلال كلها:
الرجاء فتح الملف المرفق للمعرفة والاستفادة
أولاً: الظل في جنة النعيم:
الظل في الجنة نعيم من النعيم، يستروح المؤمن فيه رَوْح الرضوان، ويجد فيه منة الرحمن، ويفيء فيه
مستمتعًا بالعين الجارية، والسكينة التي لا تقطعها لاغية، والآنسات المائسات، والنفوس الطاهرات،
ورضوان من الله أكبر، وبهذا الظل ينسى به حرور الدنيا، ولأواءها، وعناءها؛ اللهم لا تحرمناه يا كريم, ومن خصائصه:
- أنه جزء من النعيم الحسي لأهل الجنة: كما قال تعالى: (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ)
[يس:56] (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ) [المرسلات:41]. ولولا أنه ظل خاص، وجزء من النعيم لما
ذكره الرحمن الرحيم على سبيل المن والتشويق.
- وأنه ظل ممدود طويل: أي دائم لا تنسخه الشمس؛ كما قال تعالى عنه: (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) [الواقعة:30]. والعرب
تقول للشيء الذي لا ينقطع: ممدود. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة, عنه صلى الله عليه وسلم:
«إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها».
- وأنه ظل ظليل: (لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا) [النساء:57] مبالغة في الحماية، والنعمة،
وكناية عن غضارة العيش ووفرته. قال الإمام القرطبي: (ظليلًا) كثيفًا لا شمس فيه. وقال الحسن:
وصف بأنه ظليل لأنه لا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر والسَّموم ونحو ذلك.
- وأنه ظل دائم: ككل نعيم الدنيا وبركاتها: (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا) [الرعد:35]
أي إن ثمرها لا ينقطع، وظلها لا يزول. فهو لا ينسخ، ولا ينسلخ، ولا يضمحل، ولا يتدرج،
بل هو دائم، لكن غير مملول، ولا مستغنىً عنه!
- وأنه دانٍ قريب: (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا) [الإنسان:14] فلا يُعنِّي المؤمن
نفسه طلبًا لظل، أو هربًا من حر! بل هو ككل ما في الجنة متاح مباح!
- وأنه خالٍ من أية حرارة أو أذىً؛ كما قال تعالى حكاية عن آدم في الجنة:
(إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى) [طه:118،119] ومعنى لا تضحى:
أي لا تبرز للشمس فتجد حرها؛ إذ ليس في الجنة شمس، إنما هو ظل ممدود، كما بين طلوع الفجر
إلى طلوع الشمس، كما قال القرطبي رحمه الله في تفسيرها.
- وأنه لا يقارن بحرور النار وجحيمها: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ
وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ) [فاطر:19-22] وبضدها تتميز الأشياء، ويعرف الفضل.
وحسب ظل الجحيم أن أهل النار يتعوذون منه، ويطول تأذيهم به (جزاء وفاقًا).
- وأنها ظلال تجمع الرجل وأهله جميعًا -أو الرجل وأشباهه وأحبابه- منعمين متكئين
(هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ) [يس:56]. فالمؤمن من أبنائه وأهله ووالديه، ومن على شاكلته
من أهل الإيمان، على سرر متقابلين؛ لا يمسهم فيها نصب، وما هم منها بمخرجين، اللهم
لا تحرمنا مجالسهم يا منان يا جواد يا عظيم.
- وتشكل هذه الظلال -مع منظومة بصرية أخرى- لوحة فردوسية بديعة، مريحة للنفس والعين: ا
لظلال، والكثافة، والدنو، والأرائك، والعيون, والأنهار الجارية، وألوان الثمار الدانية، والأشجار الضخمة،
والقطوف المتدلية، والتجمع الإنساني المنعم.
كما تتناغم تمامًا -بسلامها وروعتها وبهجتها- مع طبيعة النفس المطمئنة، الجميلة بخلوها من الغل،
وأدران الدنيا كلها، ليكون الإنسان كائنًا راضيًا مرضيًا بحق؛ فاللهم لا تحرمنا يا منان يا جواد يا عظيم!
الظل في النار
وعلى عكس ظلال الجنة التي هي من النعيم، فإن ظلال الجحيم من يحموم، ومن العذاب الذي لا يحتمل،
نعوذ بالله من النار، وقد ذكر القرآن صفات هذا الظل بشكل مروع رهيب، فإذا كان ظل الجنة جزْءًا من نعيمها،
فإن ظل الحجيم جزء من بلائها وعذابها.
وهذه بعض التنويعات القرآنية لظل النار، نعوذ بالله من النار:
- ظل الجحيم عذاب: (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ) [الواقعة:43] قال الإمام القرطبي:
اليحموم في اللغة: الشديد السواد، وهو يفعولٌ؛ من الحم، وهو الشحم المسود باحتراق النار. وقيل: هو المأخوذ
من الحَمم وهو الفحم. وقال الضحاك: النار سوداء، وأهلها سود، وكل ما فيها أسود! ليس طيب الهبوب،
ولا حسن المنظر! وكفى باسم اليحموم تنفيرًا وإزعاجًا للروح. نعوذ بالله من النار.
- ولأهل النار ظلان لا ظل واحد: من فوقهم، ومن أسفل منهم؛ مضاعفة لعذابهم: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ
وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ) [الزمر:16] وقال تعالى قال: (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ)
[الأعراف:41] وقال سبحانه: (يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [العنكبوت:55]. وتخيل الظل اليحمومي من أعلى ومن أسفل (يحيط بأهل النار)
حيث لا يدع لهم راحة للحواس، ولا بردًا للبدن، ولا عافية للروح!
- وهو ظل متشعب شامل: فليس ساكنًا باردًا هادئًا؛ بل متحركًا صاخبًا عنيفًا منتشرًا: (انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي
ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ) [المرسلات:30-31] أي لا يفيد فائدة الظل؛ في كونه
واقيًا عن الحر. قال الإمام القرطبي في تفسيره: أي دخانٍ ذي ثلاث شعب، يعني الدخان الذي يرتفع، ثم
يتشعب إلى ثلاث شعب -وكذلك شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب- ثم وصف الظل فقال: لا ظليل:
أي ليس كالظل الذي يقي حر الشمس، ولا يغني من اللهب، أي لا يدفع من لهب جهنم شيئًا. واللهب
ما يعلو على النار إذ اضطرمت من أحمر وأصفر وأخضر.
نعوذ بالله من النار وعذابها وجحيمها وظلها ودخانها!
- وتتناغم هذه الصورة الحسية البشعة -من الظلمة واللهب الأسود وظل اليحموم من أعلى أهل النار وأسفلهم
وشعبه الثلاث المرعبة- وحالة الاختناق، مع الحالة النفسية لأهل النار، والآهات، والاستغاثة بملك الموت
أن يعجل بقبض أرواحهم، وصراخهم، وسوء حالهم، وندمهم، والجؤار أن يرجعوا للدنيا؛ ليعملوا صالحًا
غير الذي كانوا يعملون. ولات حين مناص! نعوذ بالله من النار.
العضو المتميز :
<<< بطة سودة >>>>
★★ ★★★★★★★★
للاشتراك بالمجموعة ارسل رسالة فارغة لـ manoooktkt+subscribe@googlegroups.com
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك بمجموعة شماغ وتنورة البريدية.
للمشاركه في هذه المجموعة، قم بإرسال بريد إلكتروني إلى
manoooktkt@googlegroups.com
★★ ★★★★★★★★
لإلغاء الاشتراك في هذه المجموعة،مع ان هالشي بيزعلنا ابعث برسالة إلكترونية إلى
manoooktkt+unsubscribe@googlegroups.com
لخيارات أكثر، الرجاء زيارة المجموعة على
http://groups.google.com/group/manoooktkt?hl=ar?hl=ar
مدير المجموعة
s3s3
mnoooktkt@gmail.com
---
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في المجموعة "قروب شماغ وتنورة" من مجموعات Google.
لإلغاء اشتراكك في هذه المجموعة وإيقاف تلقي رسائل إلكترونية منها، أرسِل رسالة إلكترونية إلى manoooktkt+unsubscribe@googlegroups.com.
للمزيد من الخيارات، انتقل إلى https://groups.google.com/groups/opt_out.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق