أنت لا تحبيني
كم مرة قلناها لأمنا ونحن صغارا لا ندرك من الحياة شيئا...
وكانت هذه الإنسانة خفيفة الظل...رقيقة القلب...تبتسم...
تضمنا الى قلبها وليس الى جسدها...
تقبل فينا العيون...
لتزع في هذه الأعماق الصغيرة الحب والحنان والطمأنية...
وعندما تسللت الحياة الحقيقية الى جسدنا...وكبرنا...وترعرعنا...
هذه الأم كانت دائما تعتبرنا صغارا...
وفي خروجنا من البيت تحملنا كل عيون الرحمة حتى تحمينا ...
لا تريد ثمنا...بل تريد أن ترانا نعود الى البيت سالمين...
في عمق نظراتها كانت تقول لنا...في رعاية الله...
أينما ذهبتم ومع من مشيتم حتى تعودون الى البيت وأراكم...
كنت من نافذة قلبك تطلين علينا إذا جلسنا ندرس...
وكنت أجمل العيون في عيوننا...
حتى كدنا نسمع ضربات قلبك...وسماء حنانك...
كنت أول صوت دخل عالمنا...
حبيبي...
كلمة منذ ولادتنا حتى هذه اللحظة ترددينها...
لم تكوني حلما...ولا ذاكرة...كنت الحقيقة...
أذكر جيدا...في يوم ما...عدت الى البيت وأنا أحمل كتابا...
إشتريته من مصروفي الخاص...لاحظت الكتاب...
ولكن قرأت في عيوني أني فرح لأن هذا الكتاب من مصروفي...
إبتسمت..وإقتربت مني...وهمست:
سن لايت...
دائما كنت أحلم أن أراك تدخل علي وبيدك كتابا إشتريته من مصروفك..
أحببتك وأنت تعدين الحليب لي وأنا صغيرا...
كنت أنظر إليك وأسأل ذاتي...ما هو المكسب لهذه الأم...
تساءلت ذات يوم...هل العيون تغني...
وإكتشفت ذلك عندما دخلت علي الغرفة وكنت قد أنهيت ترتيبها...
عيونك صاغت لي أروع الكلمات...وكانت أغنية...
في عينك إكتشفت الحب الكبير...
وكنت دائما تطلبي مني أن أذهب الى السينما....
وأنا لأني أحب زخرفة الحياة...كنت أذهب لأشتري كتابا...
هنا...أمام أعتاب ريحك الحنونة ترعرعنا...كبرنا...وكبر الحب في قلوبنا...
سواء صدقتم أو لم تصدقوا...لم أسمع أمي تشتم أحدا...
من أجل القلوب التي حولها...
من أجل العيون الصغيرة التي تدرس...
لم يحدث وأن تخاصمت مع والدي...
وفي الحقيقة كانت الملكة في هذا البيت...سيدة...بكل معنى الكلمة...
لم تكن تكذب علينا...وفي ذهابنا الى المدرسة تعطينا المصروف....
أحد الأيام ...أذكر ذلك جيدا...وقفنا ننتظر المصروف...
تقدمت منا بهدوء ...وحزم...وكبرياء...وسعادة...
أولادي...أحبائي...أعذروني...اليوم ليس هناك مصروف...
حقيقة ليس معي شيء لكم...هل تسامحون أمكم...
لأول مرة بكى سن لايت...
وبات يومي كله مؤلما...وخلف ستار الكلام الجميل التي قالته أمنا...
كنت أقرأ الألم...وحقيقة لا أحد يعلم كم هذه الروح هي كبيرة...
هذه هي نشيدي في الحياة...عفوا أمي...
هذه هي لغة الطيور التي أحبها...عفوا لغة أمي...
هذه الحياة التي كنا نعيشها بدون قضبان...مع أمي...
هذه حياتنا التي عشناها نزهرة شبه خالدة...مع أمي...
في الحقيقة أشعر بأني لم أبدأ بعد بالحديث عن أمي...
لهذا مضطر أن أنهي ثرثرتي هذه...
وسلام على بلابل قلب أمي رحمها الله...
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الأخيار
وسلم تسليما كثيرا
تحياتي
سن لايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق